السلسلة الميسرة في فقه المعاملات المالية المعاصرة
(9) بيع الاستصناع
📌 أولا: تعريف بيع الاستصناع:
هو أن يطلب إنسان من آخر شيئا لم يصنع بعد، ليصنع له طبق مواصفات محددة، بمواد من عند الصانع مقابل عِوَض محدد، ويقبل الصانع بذلك.
▫ مثاله:
رجل طلب من مقاول أن يبني له بيتاً بمواصفات معينة والمواد على حساب المقاول مقابل التأخير في سداد المبلغ.
أما إذا كانت المواد يأتي بها طالب البناء وليس المقاول فليس هذا باستصناع وإنما هو إجارة.(1)
📌 ثانيا: حُكمه:
جائز وهو قول الحنفية وهو الذي عليه عمل المسلمين من قديم الزمان إلى وقتنا هذا.
▪ أدلة الجواز:
1⃣ أن النبي صلى الله عليه وسلم استصنع خاتماً من ذهب، ففيه مشروعية الاستصناع، وأما إلقاؤه له فلأنه كان من الذهب وقد حرم على الرجال التزين به ، بدليل أنه اتخذ بعد ذلك خاتماً من فضة والحديث في البخاري ومسلم.
2⃣ ولإجماع الناس على ذلك؛ لأنهم يعملون ذلك في سائر الأعصار.
3⃣ ولأن الحاجة تدعو إليه؛ فلو لم يجز لوقع الناس في الحرج، فيجوز استحسانا.(2)
📌 ثالثا: شروط الاستصناع:
1⃣ أن يكون المصنوع معلوماً: بتحديد مواصفات الشيء المطلوب صناعته تحديداً وافيا التنازع عند التسليم.
2⃣ تحديد الأجل، وذلك قطعا للنزاع.
▪ ملاحظات مهمة:
🔺 لا يشترط في الاستصناع تعجيل الثمن بل يجوز تعجيله، ويجوز تأخيره إلى وقت القبض أو بعده، ويجوز تقسيطه، بخلاف بيع السلم الذي يشترط لصحته تعجيل الثمن كله.
🔺يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطا جزائيا على الصانع إذا لم ينفذ ما التزم به أو تأخر في تنفيذه، ولا يجوز الشرط الجزائي على المستصنع.
▫ مثال ذلك:
رجل اتفق مع مقاول على أن يبني له بيتاً بمبلغ معين في مدة لا تزيد عن سنة، وشرط عليه شرطاً جزائياً بأنه إن تأخّر في بناء ذلك البيت بعد تلك المدة فإنه يخصم عليه مبلغ عشرة ريالات عن كل يوم تأخير، فهذا لا بأس بذلك؛ إذا حصل التراضي بين الطرفين على ذلك، ما لم تكن هناك ظروف قاهرة حالت دون تنفيذ البناء في الوقت المحدد كمرض ونحوه.
أما لو شرط المقاول على طالب البناء احتساب غرامة تأخير على كل يوم إذا تأخر في تسديد ما عليه من مستحقات؛ فإن هذا لا يجوز وهو من ربا الجاهلية «إما أن تقضي وإما أن تربي».
والشرط الجزائي (غرامة التأخير) جائز في غير الديون.(3)
________
1. راجع فقه المعاملات المالية المعاصرة للدكتور سعد الخثلان ص 135
2. راجع الفروق الفقهية في نوازل المعاملات للدكتور أحمد الرحيلي المجلد الثاني ص 179
3. راجع فقه المعاملات المالية المعاصرة للدكتور سعد الخثلان ص 138