السلسلة الميسرة في فقه المعاملات المالية المعاصرة:
(16) التأمين التجاري
📌 أولا: تعريف التأمين التجاري:
هو عقد يلتزم فيه المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحه مبلغا من المال أو إيرادا مرتبا أو أي عوض مالي آخر في حالة وقوع الحادث، أو تحقيق الخطر المبين بالعقد، وذلك في نظير قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.(1)
📌 ثانيا : أنواع التأمين التجاري:
1⃣ تأمين الأشخاص:
ومن أنواعه: التأمين على الحياة، والتأمين ضد الحوادث، والتأمين ضد المرض، والتأمين ضد الهرم والشيخوخة.
2⃣ التأمين على الأموال والممتلكات، العامة والخاصة :
وهذا النوع أشمل أنواع التأمين وأوسعها، كالتأمين على السيارات، والمتاجر، والمنازل، ضد خطر الهلاك الكلي أو الجزئي أو أي ضرر يصيبها.
3⃣ التأمين على مسئولية تجاه الغير:
ومن أنواعه: تأمين صاحب السيارة على مسئوليته تجاه الغير عما تحدثه سيارته من أذى لأموال الناس وأنفس الآخرين، وكذلك تأمين المسئولية للأطباء وللجراحين ضد الغير.
📌 ثالثا : حكم التأمين التجاري:
ذهب أكثر أهل العلم إلى القول بتحريم التأمين التجاري، وقد اتفق على هذا القول المجامع الفقهية، والهيئات الشرعية.
▪ واستدلوا بما يلي:
1⃣ أن عقد التأمين فيه غرر فاحش، وقد أجمع العلماء على تحريم الغرر الكثير، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر والحديث في صحيح مسلم.
2⃣ أنه نوع من أنواع المقامرة؛ لما فيه من المخاطرة، فإن المستأمن قد يدفع قسطا من التأمين ثم يقع الحادث فيدفع له المؤمن أكثر من مبلغ التأمين، وقد لا يقع الخطر فيغنم المؤمن أقساط التأمين بلا مقابل، وهذا من ضروب المقامرة.
3⃣ أنه يشتمل على ربا الفضل والنسيئة؛ فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا فضل، والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة من العقد فيكون ربا نسيئة، وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل ما دفعته لها يكون ربا نسيئة فقط، وكلاهما محرم بالنص والإجماع.
4⃣ أن التأمين التجاري من الرهان المحرم: لأن فيه جهالة وغررا ومقامرة، ومعلوم أن الشرع لم يبح من الرهان إلا ما كان فيه نصرة الإسلام وأدلته وبراهينه، وكذلك أيضا إذا كانت المراهنة في الإبل والخيل والسهام بين المتسابقين فقط أو من يتبرع للفائز من المتسابقين، دون دخول غير المتسابقين في الجائزة بخلاف ما هو حاصل في المقامرات المحرمة في سباقات الخيل وغيرها.
5⃣ أن فيه أخذا للمال بدون مقابل وهو محرم، وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29] (2)
📌 رابعا : حكم الإجبار على التأمين التجاري:
إن أُجبِر الإنسان على التأمين التجاري فلا حرج في الاشتراك في هذا التأمين باعتبار أنه ملزم ومجبر على هذا، فلا حرج عليه.
وإذا دخل في التأمين باعتبار أنه مُجبَر ووقع عليه حادث فإنه يجوز أن يأخذ ما بذل له من التعويض، ولو كان أكثر مما دفع، لأنه إذا جاز الدفع جاز الأخذ، ولأن قاعدة الشريعة أن الغنم بالغرم، والخراج بالضمان، ولأن هذا أقرب إلى تحقيق العدل.(3)
_________
1. راجع كتاب فقه المعاملات المالية المعاصرة للخثلان ص178
وكتاب الفروق الفقهية في نوازل المعاملات للدكتور أحمد الرحيلي (268/1)
2. انظر كتاب المعاملات المالية المعاصرة للخثلان ص 169
3. انظر كتاب المعاملات المالية المعاصرة للخثلان ص 175