رقم الفتوى: 178
السؤال:
أنا شاب من سوريا أبلغ من العمر 17 عاماً ، للأسف أنا كنت في بداية بلوغي في ضلال ولقد منَّ اللهُ عليّ بالتوبة الآن ، ولكن المشكلة أنني علمتُ أنه يجب التحلل من مظالم العباد وأنا كنت قد اغتبتُ ونممتُ أناساً كثيرين وشعوب كاملة ، فماذا أفعل في حالتي هذه؟ أنا يئست أشد اليأس وأريد الله أن يغفرَ لي هذا الذنب العظيم وألا يأخذ أحدٌ من حسناتي يوم القيامة فهل يكفي في توبتي أن أدعو لهم بقول: اللهم اغفر لكل من ظلمته؟
الجواب:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ ". [رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]
وروى ابن أبي عاصم في كتاب السنة من حديث جابر بن عبدالله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يَحشُرُ اللهُ العبادَ أو قال يَحشُرُ اللهُ الناسَ قال وأوْمَى بيدِه إلى الشامِ عُراةً غُرْلًا بُهْمًا قال: قلتُ ما بُهْمًا قال ليس معهم شيءٌ فينادِي بصوتٍ يسمعُه من بَعُدَ كما يسمعُه من قَرُبَ أنَا الملِكُ أنَا الدَّيَّانُ لا ينبغي لأحدٍ من أهلِ الجنةِ أن يَدخلَ الجنةَ وأحدٌ من أهلِ النارِ يُطالبُه بمظلَمَةٍ ولاينبغي لأحدٍ من أهلِ النارِ أن يَدخلَ النارَ وأحدٌ من أهلِ الجنةِ يُطالبُه بمظلَمَةٍ قالوا وكيف وإنَّا نأتي عُراةً غُرْلًا بُهْمًا قال بالحسناتِ والسيئاتِ" [صححه شيخنا الألباني]
و مثله من حديث عبدالله بن أنيس عند أحمد و الطبراني هذه الأحاديث و غيرها تدل على أن الأصل هو أداء الحقوق وردُّ المظالم إلى أهلها.
والغيبة من المظالم الكبرى فهي نيل من عرض المسلم ، ويتوجب فيها أمور؛
الأول: التوبة الصادقة
الثاني: التحلل من المغتاب إلا بتوقع مفسدة أكبر مثل حصول البغضاء أو العدوان أو زيادة الأذى على المغتاب ، و هنا يُصار إلى ما رُوي عن حذيفة رضي الله عنه : " كفارة من اغتبته أن تستغفر له ".
وقال عبد الله بن المبارك لسفيان بين عيينة : التوبة من الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته ، فقال سفيان : بل تستغفر مما قلت فيه ، فقال ابن المبارك : لا تؤذوه مرتين .
الثالث: تعيين المغتاب في الدعاء له فإن نسيه فيكفي الاستغفار لمن له حق أو مظلمة عندك
و لا يحاصرك عدوك فيصرفك عن سعة رحمة الله ومغفرته ، و يردك عن الاستقامة و الثبات عليها ، والله يبشر عباده بمثل قوله جل وعلا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه:82] توبة وصحة إيمان وعمل الصالحات وأعلاها وأولاها الفرائض في كل باب من أبواب الدين ، ثم الثبات على ذلك وهي الاستقامة ، بهذه الأمور يتلقاك الله بمحبته و توفيقه.