.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين
وبعد
الحمد لله الذي أرسل لنا خير مبعوث رحمة للعالمين. . . الحمد لله الذي جعلنا من أمة نبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يترك لنا خيراً إلا دلنا عليه وما من شرٍ إلا حذرنا منه.
قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]
وقال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]
أختي الغالية. . .
هل من أحد أرحم وألطف بك بعد الله الرحمن الرحيم من نبيه الكريم صلوات الله وسلامه عليه؟
بلا شك لن تجدي أحداً مهما جبتِ البقاع طولاً وعرضاً وشرقاً وغرباً أرحم وألطف بك من نبيك ورسولك الذي أوصى بك خيرا .
قال صلى الله عليه وسلم: “استوصوا بالنساء خيرا”
أياً كنتي أماً أو أختاً أو ابنة أو زوجة
وأعلى قدركِ وراعى حقوقكِ وأمر باحترامكِ والعناية بكِ، حتى قلبكِ وعاطفتكِ اعتنى بها الاسلام ووصّى بها وهذا هو محور حديثنا ونقطة انطلاقنا من حديث: ” يا أنجشة! رويدك سوقا بالقوارير ” [أخرجه البخاري ومسلم].
فما قصة الحديث؟ وما معناه؟ ومن هو أنجشة؟
إليكِ بيان ذلك يا غاليه!
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات مرة في سفر ومعه زوجاته ومنهن أم سليم ونساء أخريات في قافلة الإبل؛ وكان الرجل الذي يسوق الإبل يُدعى أنجشة، وكان صوته جميلا جداً فكان يحدو للإبل. والحداء هو كلمات بسيطة يحدو بها راعي الإبل بلحنٍ حزينٍ يطرب الأذن ويستثير الدمع ليحث الإبل على الإسراع في سيرها حين يرشدها إلى المراعي والموارد العذبة.
وعندما كان يحدو أنجشة بصوته الحزين خشي الرسول صلى الله عليه وسلم على النساء اللاتي معه ومنهن نساءه من إسراع الإبل بهن فيتأذين من اضطرابها أو يسقطن. فقال: “رويدك سوقاً بالقوارير”
يا الله! ما ألطفك وأرحمك يا رسول الله!
كما خشي على النساء ذوات القلوب الرقيقة الصافية من أن يثير فيهن ذلك الصوت الحزين: الأسى والحزن، فتتأثر قلوبهن بذلك، فشبههن بالقوارير التي يسهل كسرها ويظهر ما بداخلها.
فما أقربه من وصف لرقة المرأة، وما أجمل تلك القوارير الصافية إن هي صانت نفسها ، وما أجملها من وصية تقي قلوبهن الرقيقة من الكسر إن ابتعدن عن ما يؤثر فيهن. فهذا حال الحداء المباح، فكيف بالغناء الماجن المحرم؟!
ولو تأمّلنا قليلاً لوجدنا أن (الغناء) من أشد وأنكى عوامل كسر قلب الفتاة لما فيه من كلمات تُهيج المشاعر وتدعو للهوى والفسق والفجور، وتعلق الفتيات بهؤلاء الفسقة والفاسقات والإعجاب بهم، وتوقع الفتاة في علاقات محرمة، حتى تكون فريسة سهلة لبائعي الكلمات المعسولة المسمومة، فأي حفظ سيكون لتلك القوارير ومع كل هذه المؤثرات التي تعمل فيها تكسيرا وتحطيما خلقيا ودينيا وتربويا؟!
ناهيك عن حياة الضنك والهمّ والحزن من كثرة سماع الأغاني ومزامير الشياطين.
وما أجمل ما قاله شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في وصف أضرار الاغاني، حيث قال: ” المعازف هي خمر النفوس تفعل أعظم مما تفعله حُميَّا الكؤوس”.
وقول ابن القيم أيضا:
حب الكتاب وحب ألحان الغنا. . . في قلب عبدٍ ليس يجتمعان
والله ما سلم الذي هو دأبه. . . أبدا من الإشراك بالرحمن
وإذا تعلق بالسماع أصاره. . . عبداً لكل فلانة وفلان.
سبحان الله هذا وصف حالُ كثيرٍ من محبي الأغاني وما نراه أمام أعيننا، فلا تنفك عنهم هذه المعادلة السيئة إلا ما رحم ربي:
فالغناء يؤدي إلى: الفواحش كـ:{القتل، والزنا، والظلم، …الخ}، ثم: النفاق، ثم: لشرك!
نسأل الله السلامة.
فيا أيتها الغالية. .
رفقا بقلبك من ألحان الغناء. . ورفقا بقلبك من اتباع الهوى. .
ورفقا بقلبك من خطوات الشيطان. . رفقا بنفسك وارقي بها نحو الصلاح
فهما طريقان لا ثالث لهما:
إما طريق الحق والضياء: حبُّ كتاب الله ولذة النظر فيه تدبراً وحفظاً وتلاوة.
وهو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار
وإما اتباع الشيطان ومزاميره وحب الغناء.
أبعدنا الله وإياك عن هذا الطريق.
ونسأله أن يسلك بنا دروب الخير والحق والهدى.