إنه لا يخفى على كل ذي لب ما للعلم من فضل، وأنه أصل كل خير، ولا يخفى أيضا لدى أهل العقول المستنيرة ما للجهل من ضرر، وأنه عار يتبرأ منه صاحبه، ولا يرضى أن يوصف به، وكفى بهذا ذمًا للجهل.
فإذا علمت هذا أخي القارئ فاعلم – وفقني الله وإياك لكل خير– أن أفضل العلوم وأشرفها هو العلم الذي يقربنا إلى الله سبحانه وتعالى، وهو العلم الشرعي، والذي جاء مدحه في كثير من النصوص الشرعية، وسيأتي ذكر بعضها.
وكيف لا يكون العلم الشرعي أفضل العلوم؟! وطلبه من أشرف المطالب!
أليس بالعلم تتحقق لنا الغاية العظمى من خلقنا؟! وهي المذكورة في قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56].
بلى، فإن تحقيق كمال العبودية لله سبحانه وتعالى لا يكون إلا بالعلم الشرعي.
أخي القارئ! إننا متعبدون لله سبحانه وتعالى بعبادات كثيرة، وشرط قبول هذه العبادات هو تحقيق الإخلاص لله سبحانه وتعالى، ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يتأتى لنا هذا إلا بتحصيل قدر ضروري من العلم الشرعي.
فإذا علمت هذا، بانت لك أهمية العلم الشرعي، وأن تحصيل قدر ضروري من العلم الشرعي يرفع الجهل بما هو مفروض علينا هو من الضرورات المتعينة على كل مسلم، ويتأكد هذا المعنى بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم). [رواه ابن ماجة:224، صحيح ابن ماجة:184].
أخي المسلم وأختي المسلمة!
إن المكانة التي تعيشها الأمة الإسلامية اليوم بين الأمم ليست هي المكانة الحقيقية اللائقة بأمة الإسلام!
وللأسف الشديد! أن ذلك ليس إلا بتفريط أبنائها، وبُعدهم عن دينهم!
وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} [محمد:7]. ونصرة الله سبحانه وتعالى تكون بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
وقال جل شأنه {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} الآية [الرعد:11]. فإن الله سبحانه وتعالى لا يغير حال هذه الأمة، وماهي فيه من ضعف وتأخر بين الأمم، حتى يتغير حالها بالرجوع إلى الدين، والتمسك به، مصداقا لقوله تعالى في الآية السابقة، ولا سبيل إلى ذلك كله إلا بالعلم الشرعي.
فهل بعد وضوح الأهمية الكبيرة للعلم الشرعي سنشمر عن سواعد الجد في طلبه؟
وكيف بك أيها القارئ! إذا علمت ما رتب الله من فضل عظيم لطالب العلم؟ فهل ستتأخر في طلبه ؟!
فإليك بعض النصوص الدالة على فضل العلم وأهله وفضل طلبه:
قال الله تعالى: {يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} [المجادلة:11].
ففي هذه الآية أخبر سبحانه وتعالى عن رفعة درجات أهل العلم والإيمان خاصة.
وقال الله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط} الآية [آل عمران:18].
في هذه الآية استشهد الله سبحانه وتعالى بأولي العلم على أجل مشهود عليه، وهو توحيده. وقد بدأ سبحانه وتعالى في الآية بنفسه، وثنى بملائكته، وثلث بأهل العلم وكفاهم ذلك شرفا، وفضلا، وجلالة، ونبلا.
وقال الله تعالى: {إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء} [فاطر:28]. وقال تعالى: {أولئك هم خير البرية}، إلى قوله: { ذلك لمن خشي ربه} [البينة:7-8]. “اقتضت الآيتان: أن العلماء هم الذين يخشون الله تعالى، وأن الذين يخشون الله تعالى هم خير البرية، فينتج أن العلماء هم خير البرية”. [تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم]
وأن المقام يضيق عن سرد النصوص الكثيرة في فضل العلم وشرف أهله، وما هذه الآيات المذكورة من كتاب ربنا إلا غيض من فيض آيات كثيرة تدل على فضل العلم وشرف أهله.
وكذلك النصوص من السنة النبوية فهي كثيرة، وإليك بعضا منها:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين) [البخاري:71، مسلم:1036]
قال الحافظ ابن حجر في [فتح الباري 1/290 – طبعة دار طيبة]: “مفهوم الحديث: أن من لم يتفقه في الدين – أي: يتعلم قواعد الإسلام، وما يتصل بها من الفروع– فقد حرم الخير… ومن لم يعرف أمور دينه لا يكون فقيها، ولا طالب فقه، فيصح أن يوصف بأنه ما أريد به الخير، وفي ذلك بيان ظاهر لفضل العلماء على سائر الناس، ولفضل التفقه في الدين على سائر العلوم”.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله عزوجل به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضى لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر” [أبو داود:3641، صحيح أبي داود: 3641].
فانظر يا رعاك الله! عِظَمَ الفضلِ الواردِ في هذا الحديث! فما أن تسلك طريقا – أيَّ طريق كان– في طلب العلم إلا سلك الله بك طريقا إلى الجنة!
واعلم أرشدك الله لطاعته أن هذا الفضل لمن سلك الطريق مخلصا متبعا وإن لم يبلغ الغاية، فالعلم رزق من الله يرزقه من يشاء من عباده، ويفضل بينهم فيه بحكمته ورحمته.
وإنه لمن الشرف العظيم للعلماء أنهم ورثة الأنبياء، فأنعم به من ميراث وموروث!
وأنهم كنجوم السماء التي يُهتدى بها في الظلماء، فإذا خفيت ضل الناس الطريق، وانقطع بهم السبيل، فكذلك حال العلماء والناس.
و المقام يضيق هنا أيضا عن حصر النصوص الواردة في فضل العلم وأهله لكثرتها ووفرتها، وهذا باب يطول الحديث عنه، وقد أُفرد بالمصنفات الكثيرة النافعة، وقد أطال النَفَس في بيان فضل العلم وأهله شيخ الإسلام أبو عبدالله ابن القيم– رحمه الله– في كتابه “مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية أهل العلم والإرادة” فلا تضن بوقتك في قراءته، ومن الكتب الموسعة في ذلك “جامع بيان العلم وفضله” للإمام أبي عمر ابن عبدالبر المالكي.
وتذكر أخي القارئ أن الله سبحانه وتعالى لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستزادة من شيء سوى العلم، فقال جل شأنه آمرا نبيه صلى الله عليه وسلم: {وقل رب زدني علما} [طه:114] وهذا الأمر أيضا من الأدلة على فضل العلم، فادع بهذا الدعاء واستعن بالله واجتهد في طلب العلم تنجو وتغنم.
عمر محمد علوي مقيبل
كثر الله من أمثالك.
مقال ولا أروع وجزاك الله خيرً
↓
30 مارس 2014
4:08 م
أبوعلوي
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
مقال مفيد ومهم وملم بطريقة موجزة دون إخلال..
↓
31 مارس 2014
1:25 ص
ابوالمنذر
احسنت اخي هشام .
وزادك الله من فضله.
↓
31 مارس 2014
12:56 م
أبو عبدالله هشام مقيبل
جزاكم الله خيرا جميعا،، ونسأل الله القبول وأن ينفع بالمقال.
↓
31 مارس 2014
9:32 م
نوار ظفار
جزيتم الفردوس الأعلى … مقال طيب
↓
11 أبريل 2014
5:03 م
حفيدة عائشه
ويح شعري ألا ليت قومي يفقهون..
جزيت خيرا وبارك الله بكم.
↓
28 أبريل 2014
2:36 ص