(خطورة الفتن)
الفتن تحرق الدين ، وتحرق العقل ، وتحرق البدن ، وتشعل الحروب ، وتزيد الكروب ، وتجتال الأنفس والثمرات ، وتملأ المستشفيات والبيوت بالمصابين وأهل العاهات ، وتذهب الأموال والممتلكات ، وتحرق المدن والأرياف ، وتدمر البيوت والمراكب والمساجد ، وتتلف الزروع والثمار ، وتفزع النساء والصغار والكبار ، والحاضر والباد ، والغني والفقير ، والصالح والفاسد .
الفتن بها يفقد الأمن والاستقرار ، وتكثر بسببها الأرامل والأيتام .
الفتن تضعف الاقتصاد ، وتهدر الثروات ، ويزيد بسببها الفقر ويجوع الناس ، وبها يستيقظ أهل الإفساد والإجرام .
أمرت الشريعة بالسمع والطاعة لأولياء الأمور في غير معصية الله سبحانه ، وأن تكون نصيحتهم سرًا لا جهرًا ، ونهت عن نزع اليد من طاعتهم ، وعن الخروج عليهم بقول أو فعل ، وعن سبِّهم وشتمهم وتحريض الرعية وتأليبهم عليهم وإهانتهم .
فالتمسك بهذا السبيل يقلل الفتن والشرور عن الناس وبلادهم ، ويضعف المفاسد والمصائب ، ويدفع الأضرار والغوائل ، ويقوي اللُّحمة وتماسك البلاد ، ويُخفف الفُرقة والتناحر ، ويُبقي على الألفة والتآلف ، ويكثِّر المصالح والخيرات ، ويزيد في الأمن والرخاء ، ويحفظ الدين والدنيا والنفوس والأعراض والأموال ، وكيف لا يكون كذلك ، وهو حكم الله وشرعه بين الرَّعية وحاكمها ، والله سبحانه هو خالق المحكومين والحاكمين ، وأدرى بما يصلح دينهم ودنياهم ، فشرع لهم هذا التعامل ، وأكرمهم بهذه المعاملة والعلاج .
فحرمت الشريعة المظاهرات والمسيرات والاعتصامات ؛ فهذه الأمور المذكورة لا تجوز شرعًا ، لانها تجر على العباد والبلاد شرورًا أكبر ، ومفاسد أعظم ، وفقرًا أشد ، ومصائب أكثر ، وتجلب البلايا ، وتزيل الأمن ، ويؤكد ذلك صور التاريخ البعيدة والقريبة والعديدة بآثارها السيئة وأنها مُرَّة وأليمة وبئيسة وفظيعة لعل غيرهم يتعظون ويعتبرون فيحذروا ذلك ويجنبوا بلادهم شرورها.
أسأل الله العظيم أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن .