الأحد 6 ربيع الأولI 1447 - 28 سبتمبر 2025
جديد الموقع
بحث
التصنيفات
» يوم القيامة

(يوم القيامة)

لا يُلاقي العباد يوماً مثله ، يشيب منه شعر الوليد ، تَذهَلُ المرضعة عن رضيعها ، والحاملُ تُسْقِطُ حملها ، يوم تَدْهَشُ فيه العقول ، وتَغيب فيه الأذهان ، يَفِرُّ الإنسان من أحب الناس إليه ، من أمه وأبيه ، وأخيه وزوجته وأولاده ، ويود العاصي أن يدفع بأغلى الناس إليه في النار لينجو.
وتُزال الجبال عن موضعها ، وتُسوى الأرض فلا ارتفاع فيها ولا انخفاض.
والبحار تُفَجَّر وتُسَجَّر ُ، وتَشْتَعِلُ ناراً ، والسماء تَنْشَق ُّ، وتَمورُ وتضطرب ، فتصبح ضعيفة واهية ، وتأخذُ السماءُ في التلون.
والنجوم تنكدر ، والعشار تعطَّل ، والوحوش تحشر ، ويموج الخلق بعضهم إلى بعض ، من رأى الناس فيه ظن أنهم سكارى وماهم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد ، الأبصار شاخصة ، والقلوب لدى الحناجر واجفة ، والملائكة آخذة مصافَّها بالخلائق محدقة ، أمر عظيم ، وطارق مُفْظِع ْ.
وفي هذا اليوم تعلم كل نفس ما أحضرت ، يقف الإنسان نادماً بعد فوات الأوان ، وتؤخذ خوافي الصدور أخذاً شديدا ً، ويُبَعثر ما فيها ، فما من شيء أُخْفي فيها إلا ظهر ، ولا أُسرَّ إلا أُعلن ، صمت مهيب ، لا يتخلَّله حديث ، ولا يقطعه اعتذار.
وجوه هناك مُبْيضة ، مسفرة مستبشرة ، ضاحكةٌ ناظرة ، ووجوه أخرى مسودة باسرة ، عليها غبرة ، مرهقة بالقترة ، المتقون يحشرون إلى ربهم وفدا ً، والمجرمون يساقون يومئذ زرقا ً.
الشمس تدنو من رؤوس الخلائق ، حتى لا يكون بينها وبينهم إلا قَدْرُ ميل ، ولا ظل لأحد إلا ظل عرش الرحمن ، فمن بين مستظل بظل العرش ، وبين مَحترق بحر الشمس ، والأمم تزدحم وتتدافع ، فتختلف الأقدام ، وتنقطع الأعناق ، ويطبق الغم ، وتضيق النفس ، وتجثو الأمم من الهول على الرُّكب ، وترى كل أمة جاثية ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «يبلغ الناسُ من الغمِّ والكربِ ما لا يطيقون».
يندم العصاة ويتحسرون على تفريطهم في الطاعة ، ولشدة حسرتهم يَعضّون على أيديهم ، يقول عز وجل : {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا} [الفرقان: 27] ..
من نَفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا َنَّفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة.
الصحف المطوية تُنْشر ، كم من بليةٍ نسيتها ، وكم من سيئة ٍأخفيتها ، والكتاب يُقرأ ، والجوارح تنطق ، والملائكة حاضرة ، والله شهيد على جميع الأعمال.
يقول الحسن البصري : ” يومان وليلتان لم يسمع الخلائق بمثلهن قط ، ليلة تبيت مع أهل القبور ولم تبت قبلها مثلها ، وليلة صبيحتها تسفر عن يوم القيامة ، ويوم يأتيك البشير من الله ، إما بالجنة وإما بالنار ، ويوم تعطى كتابك إما بيمينك وإما بشمالك “.
يا إخوة يكفينا غفلة ويكفينا بُعد عن ربنا وآن الأوان للتوبة والاستقامة على الطاعة حتى يرضى عنا ربنا وننجو من أهوال يوم القيامة.



ضع تعليقك