(التمسك بالسنة نجاة وعصمة)
قال ابن مسعود رضي الله عنه : “ نحن قوم نتبع ولا نبتدع ونقتدي ولا نبتدي ولن نضل ما إن تمسكنا بالأثر ” .
وقال الأوزاعي رحمه الله : “ عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس ، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوا لك القول ”.
فالمتمسك بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ينتفع الناس بعلمه وعمله في حياته وبعد موته ، وصاحب الهوى المخالف للسنة مقطوعُ العمل ليس لعلمه ولا لعمله دوام ولا بركة ، وهذا مصداق لقول الله تعالى : {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} [الكوثر: 3]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : “ وكل من شنأ شيئاً مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم كان له نصيبٌ من هذه الآية ، حتى قيل لأبي بكر بن عياش : إن هاهنا في المسجد أقواماً يجلسون للناس ، فقال : من جلس للناس جلس الناس إليه ، ولكن أهل السنة يموتون ويبقى ذكرهم ، وأهل البدعة يموتون ويموت ذكرهم ”.
فتأمّل هذا الكلام الذي يكسوه نور النبوة ، واعلم أن اتباع السنة منجاة غداً بين يدي الله تعالى وسببٌ لورود حوضِ النبي صلى الله عليه وسلم وحُصولَ الشفاعةِ بعد رحمة الله تعالى وإذنه .
لقد بيّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم الهدى وحثَّنا عليه ، وبيَّن لنا الضلال وحذَّرنا منه ، ولم يبق لأحد عذر في الطمع في غير هذه الشريعة الكاملة .
قال ابن القيم رحمه الله موضحاً بجلاء معنى الرضى بالنبي صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا : “ وأما الرضى بنبيّه رسولا ، فيتضمن كمال الانقياد له والتسليم المطلق إليه ، بحيث يكون أولى به من نفسه ، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته ، ولا يحكم عليه غيره ، ولا يرضى بحكم غيره البتة .
وأما الرضى بدينه : فإذا قال أوحكم أو أمر أو نهى ، رضي كل الرضى ، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه ، وسلَّم له تسليما ، ولو كان مخالفا لمراد نفسه أو هواها ، أو قول مقلَّده وشيخه وطائفته ” .
فنسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا جميعا لاتباع سنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قولا وعملا ودعوة ، وأن يرزقنا شفاعته .