لقد ذمَّ ربُّنا عَزَّ وجل الإسرافَ والتبذيرَ وجعلهما من صفاتِ إخوانِ الشياطين فقال تعالى: {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} [الإسراء: 26 – 27]
لأنَّ بتبذيرِهم المالَ كانوا عصاةً لله فاسقينَ عن أمرِه وهذه حالُ الشياطينِ فتشابهوا فكانوا إخوانا.
وأخبرَ جلَّ جلالُه أنه لا يُحِب أهلَ السَّرَف الذين يتجاوزون حدودَ ما شرعَ اللهُ لعبادِه فقال: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]
ولا يَخفى أنَّ الإسرافَ والتبذيرَ قد تعدَّدتْ مظاهرُهما، وتنوَّعت أشكالُهما.
ومن وُجوهِ الإسرافِ والتبذيرِ التي عمَّت: الإسرافُ في المآكلِ والمشاربِ خُصوصاً في المناسبات (كالأعراس والعزاء) بحيث تُوضع أطعمةٌ كثيرةٌ وأشربةٌ متنوعةٌ ثم ينفضُّ الناس عن أكثرِها تاركينَ سبيلَها إلى حاوياتِ النفايات، وأممٌ كثيرةٌ يَموتون جُوعاً لا يجدون ما يَسُدُّ رَمَقَهُم أو يَدْفَعُ جُوعَهُم.
من أهَمِّ أسبابِ الإسرافِ والتبذير :
– جَهْلُ المُسرفينَ بأحكامِ الدِّينِ الذي ينهى عن الإسرافِ والتبذير، أو تَجَاهُل من لا يجهل أحكام الإسراف وتغاضيه عن ذلك.
– حُبُّ المباهاةِ والتفاخر، ورغبةٌ عارمةٌ في التسابُق والتكاثُر في مظاهرِ الدنيا وَمَفَاخِرِ العَيْش.
– التَّقْليد واتباع العادات.
ومن العواقب التي تترتب على الإسرافِ والتبذيرِ أنَّ اللهَ عز وجل يُهلك المُسرفين ويُعاقِبُهُم عقاباً شديداً، فهما هَلاكٌ في الدنيا وعذابٌ في الآخرة.
قال الله تعالى عن رُسُلِه: {ثُمَّ صَدَقْنَاهُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِين} [سورة الأنبياء: 9]
والإسرافُ والتبذيرُ من أسبابِ عَدَمِ الهداية لمصالحِ الدينِ والدنيا. قال المولى جل جلاله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّاب} [سورة غافر: 28]
اتقوا الله، وحافظوا على النعمة من الزوال، واعملوا فيها بالحلال؛ تُؤجروا وتُرزقوا ويُبارك لكم فيها، وإياكم والإسراف والتبذير.