الأحد 4 جمادى الأولى 1447 - 26 أكتوبر 2025
جديد الموقع
بحث
التصنيفات
» لماذا أتزوج؟

لماذا أتزوج؟

صدرّتُ مقالتي هذه بسؤال أعلم يقينا أنّ كثيراً من الشباب لم يوجهه لنفسه قبل التقدم للزواج.

 وإذا استطلعنا الآراء في الإجابة على مثل هذا السؤال من قبل المتزوجين لأتت إجابات من قبيل : (أبي وأمي هما من طلبا مني ذلك)،  أو (كنت أعيش قصة حب، وأردت أن أتوّجها بالزواج)، أو (حالنا من حال الناس)، وغير ذلك من الإجابات التي تنم عن فهم قاصر للزواج وأهميته في بناء المجتمع، وللتبعات والمسؤوليات التي تأتي معه.

 ولا يدرك هؤلاء أن الزواج شراكة بين الزوج وزوجته في تكوين أسرة مؤمنة متحابة، نافعة لنفسها ولأمتها.

 لهذا علينا ألا نستغرب عندما نرى المشاكل وعدم الاستقرار تعصف بكثير من الأسر، وفي بعض الأحيان يصل الأمر إلى الطلاق، حتى قد ظهرت عندنا حالات زواج لا تستمر لأكثر من شهر أو شهرين، بل ربما أقل! والله المستعان!

         لكن إذا عدنا إلى منبع الهداية والسعادة في الحياة، ألا وهو كتاب الله جلّ جلاله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وتأملنا في النصوص المتعلقة بالزواج، لاستطعنا استنباط بعض المقاصد الشرعية، والأهداف الحسنة التي تدفع الإنسان للزواج، وهي  على سبيل المثال  :

1- إعفاف النفس، وغض البصر، لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال لنا رسول الله  صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب،! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) متفق عليه.

وبإعفاف النفس عن الفاحشة وغض البصر عن المحرمات تزكو نفس المسلم وتطهر قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ } [النور: 30]، ومن زكت نفسه عاش حياة سعيدة في الدنيا والآخرة قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]، ولهذا من كان يتبع نفسه مسالك الفاحشة أو يطلق بصره في المفاتن تجده لا يستقر ولا يهنأ في حياته.

2- الطمأنينة واستقرار النفس وسكونها، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، فالانسان متى وفّقه الله في اختيار الزوجة الصالحة اطمأنت نفسه بعدما كانت تعيش في اضطراب وحيرة، ولا ينبئك مثل خبير، فبعد قضاء ثلاثة عشر عاماً بعيداً عن الأهل والدار بسبب الدراسة الجامعية والعمل، وبمجرد أن عدتُ لبلدي وتزوجتُ، رأيتُ أثر ذلك ظاهراً جلياً من الطمأنينة وراحة النفس، فلله الحمد والشكر أولاً وآخراً.

 3- بناء أسرة مؤمنة بالله تعالى عابدة له، ومحبة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وبعث الفرح بكثرة أهل الإسلام في نفسه الكريمة صلى الله عليه وسلم، ففضله علينا عظيم، وحقه جسيم، فعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) . [رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني].
فالإنسان متى احتسب هذه النية وهي أن يرزقه الله الذرية الصالحة التي تعبد الله تعالى وتوحده، وتتبع النبي صلى الله عليه وسلم وتطيعه، فإنه يبارك له في ذريته، حتى أنّ أي عمل صالح يقوم به الأبناء من صلاة وصيام وذكر وصدقة وغيره فإنّه يكون للوالدين مثل الأجر الذي يناله الأبناء دون أن ينقص من أجورهم شيئاً، فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولد الرجل من كسبه) [رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني].

 وهذه الأسباب العظيمة وغيرها، مع ما يتبعها من خيري الدنيا والآخرة إنّما يأتي للمسلم – بعد توفيق الله سبحانه وتعالى – من حسن الاختيار للزوجة الصالحة، وحينما يكون اختياره هذا مبنيا على الدين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك!) [متفق عليه].

 وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة)، لأن المرأة الصالحة ذات الدين تكون خير عون لزوجها في حياتها، وتذكّره دائما بالخير، ولا تثقل كاهله بما لا فائدة منه من الأمور.

 فعليك أيها الشاب أن تعيد حساباتك، وتنظر إلى الزواج نظرة صحيحة تبني عليها أساسًا متينا لأسرتك التي تنوي بناءها ، فلعلّ الله أن يجعل من أسرتك من يكون له شأن عظيم في الخير لوطنه وأمته.



تعليقات 3

  1. نوار ظفار

    جزاكم الله خيرا ونفع بكم الأمة …


    رد


    10 أبريل 2014

    2:19 ص

  2. حفيدة عائشه

    جزاك الله خيرا على المقال الطيب النافع.

    وحقا لو تأملنا حال الشباب اليوم والفتيات لا نجد من يعي الغاية العظمى والأساسية من الزواج فالمقصد الشرعي غفل عنه الكثير إلا ما ندر فصار الزواج للفتيات للتظاهر والمفاخرة وعند الشباب إن عزم على الزواج فهو يراه تقييد للحرية أو كما ذكرت آنفا الأسرة أو البيئة فرضت عليه ذلك الزواج التقليدي.
    وأسال الله أن يهدينا جميعا


    رد


    28 أبريل 2014

    1:06 ص

  3. ابن العرب

    بارك الله فيكم


    رد


    21 يونيو 2014

    2:53 م

ضع تعليقك