الخميس 3 جمادى الأولىI 1446 - 05 ديسمبر 2024
جديد الموقع
بحث
التصنيفات
» خولة بنت قيس بن قهد الأنصارية .. [ يا أم محمد انظري ما تُحَدِّثين فإن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بِغَيرِ ثَبْتٍ شديد ]

( سلسلة الخيرات الصابرات )
أم محمد خولة بنت قيس بن قهد الأنصارية

خالة النبي صلى الله عليه وسلم ونسيبة بني هاشم زوجة سيد الشهداء العالمة المُحَدِّثة الكريمة العفيفة أم محمد خولة بنت قيس الأنصارية النجارية .

نسبها وكنيتها :

أم محمد خولة بنت قيس بن قَهد ، واسمه: خالد بن قيس بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج .

وقيل: خولة بنت ثامر الأنصارية وقد رجح العلماء أن خولة بنت قيس هي خولة بنت ثامر وأن ثامراً لقب لقيس بن قهد وأن قهد لقب لخالد بن قيس بن ثعلبة . ومن عادة العرب أن يكون للرجل منهم أكثر من لقب وقد يشتهر باللقب أكثر من الاسم . مثال النجار جد خولة بنت قيس الأعلى فإسمه: تيم الله بن ثعلبة ولقب بالنجار لأنه ضرب رجلا فنجره فلقب بالنجار وغلب على اسمه .

أمها : الصحابية المبايعة : الفريعة بنت زرارة بن عُدَس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار أخت الصحابي الكبير أسعد بن زرارة رضي الله عنه .

كنيتها أم محمد وهو ابنها من زوجها الثاني حنظلة بن النعمان الزرقي رضي الله عنه مع أن بكرها عمارة بن حمزة ولكنها اشتهرت بكنية ابنها محمد بن حنظلة .

إسلامها :

أسلمت أم محمد قبل الهجرة النبوية فقد دخل الإسلام بيتها عن طريق خالها كبير الأنصار ونقيبهم السيد الجليل أسعد بن زرارة رضي الله عنه حين قدم مصعب الخير بن عمير رضي الله عنه لنشر الإسلام في المدينة وكان له الفضل بتوفيق الله عز وجل في إسلام أهل المدينة وكان أسعد بن زرارة رضي الله عنه خير مساندٍ له ومعين ، وكان أسعد رضي الله عنه قد دعا أهله وأخوته وأهل بيته فأسلمت أخته الفريعة وزوجها قيس بن قهد وابنة عمه الصحابية الكبيرة عفراء بنت عبيد وأولادها معاذ ومعوذ وعوف ورفاعة أبناء عفراء وكذلك أسلم أخوه خولة أبو الورد وزرارة وسليم وقيس بنو قيس بن قهد ، وصحبوا النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا من خيار الصحابة رضي الله عنهم .

خولة وزواجها من حمزة بن عبدالمطلب :

قدم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه المدينة مهاجرا فسكن عند الصحابي الكبير كلثوم بن الهدم رضي الله عنه وهو من بني عبيد بن زيد من الأوس ، وكان كلثوم بن الهدم ابن عم زوجه حمزة أم يعلى بنت الملة بن مالك بن عبادة بن حجر بن فائد بن الحارث بن عبيد بن زيد وكان رضي الله عنه من سادات الأوس في قباء ، وكانت قباء أقرب إلى من هاجر من مكة إلى المدينة فكانت أول المنازل سكنها المهاجرين رضي الله عنهم ، حتى قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وبنى مسجده في منازل بني النجار وهم أخواله من قبل جده عبدالمطلب بن هاشم وأم عبدالمطلب : سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن حرام بن خداش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار .

فلما سمع أسعد بن زرارة سيد بني النجار ونقيبهم بقدوم حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ونزوله عند كلثوم بن الهدم رضي الله عنه وكانت بيت كلثوم رضي الله عنه قد امتلأت بالصحابة المهاجرين ، فطلب من حمزة أن يسكن عنده في منازلهم وهم أقرب الأنصار إليه نسباً فهم أخواله كما أسلفنا ، فانتقل حمزة إلى منازل بني النجار وهناك زوجه من ابنة أخته خولة بنت قيس بن قهد وأمها الفريعة بنت زرارة رضي الله عنها قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم .

أولادها من حمزة :

عاشت خوله رضي الله عنها مع حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه ثلاث سنوات وولدت له : عمارة وبه كان حمزة رضي الله عنه يكنى ، وعاش عمارة رضي الله عنه حتى شهد فتوح العراق ومات مجاهداً هناك ولم يثبت أنه تزوج . وولدت لحمزة أيضا ابنتين لم تسمى ولم تدركا ماتتا صغيرتان .

زواجها من حنظلة الأنصاري :

استشهد حمزة بن عبدالمطلب في معركة أحد في السنة الثالثة للهجرة فبقت خولة بدون زوج إلى أن تقدم لها الصحابي حنظلة بن النعمان بن عمرو من بني زريق وولدت له : محمد وبه كانت تكنى وعاشت معه إلى أن توفيت رضي الله عنها .

خولة وما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم :

الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس كمثل الرواية عن غيره والكذب عليه من أشد المنكرات فلذلك كان الصحابة رضي الله عنهم حين يحدثون عن النبي صلى الله عليه وسلم ترتعد فرائصهم قبل أن يحدثوا عنه ، وكثيرا من الصحابة لا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم خوفاً أن يقع في الكذب عليه . وننقل فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله في هذا الشأن فقال :

فقد ثبت في الصحيحين عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تكذبوا عليّ فإنه من يكذب عليّ يلج النار» ، وفيهما أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» ، وفيهما أيضاً عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه مرفوعاً: «إن كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» ، وفي صحيح مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين»، وقد ضبط قوله: يرى بالضم والفتح فعلى الضم يكون معناه: يظن، وعلى الفتح يكون معناه يعلم. كما نبّه عليه النووي رحمه الله تعالى في شرح مسلم.

وهذه الأحاديث تدل على تحريم الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وتحريم رواية ما يعلم أو يظن أنه كذب على النبي صلى الله عليه وسلم إلا مع التنبيه عليه. وقد جاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم تدل على شدة الوعيد في حق من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، وإن الكذب عليه من الكبائر العظيمة. وقد ذهب بعض أهل العلم إلى كفر من تعمّد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن الأكثر من أهل العلم على خلاف ذلك إلا أن يستحله، فإن استحله كفر بالإجماع. وعلى كل تقدير فالكذب عليه صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر؛ لعظم ما يترتب عليه من المفاسد الكثيرة وما صاحبه عن الكفر ببعيد، أسأل الله العافية والسلامة. أهـ .

وكان التابعين يتحينون الفرص لطلب العلم من الصحابة فلا يسمعون بصحابي عنده حديث حتى يتوافدون عليه ليأخذوا العلم من فِيه ، فحين سمعوا بأن خولة رضي الله عنها تُحَدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم قدم إليها بعض التابعين للسماع منها . فعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ خَوْلَةَ قَالَ : جِئْنَاهَا لِنَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثٍ سَمِعَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَتْ تَحْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَخَلَفَ عَلَيْهَا بَعْدَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي زُرَيْقٍ ، فَجَاءَ زَوْجُهَا ، وَنَحْنُ عِنْدَهَا ، فَقَالَ : مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قُلْنَا : جِئْنَاهَا لِنَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثٍ سَمِعَتْهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهَا : انْظُرِي مَا تُحَدِّثِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِنَّ كَذِبًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ كَالْكَذِبِ قَالَتْ : أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَى عَمِّهِ يَعُودُهُ ، يَقُولُ : «إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ ، لَهُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . [الطحاوي في مشكل الأثار]

* وعن حنظلة بن النعمان رضي الله عنه قال لها : يا أم محمد انظري ما تحدثين فإن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير ثبت شديد . فقالت : بئس مالي أن أحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمعته وأكذب عليه ، سمعته يقول : «الدنيا حلوة خضرة من يأخذ منها ما يحل له يبارك له فيه ورب متخوض في مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار». [الترمذي وصححه الألباني]

* وعن أَبَا الْوَلِيدِ عُبَيْدً بن سنوطا المدني ، أَنَّهُ دَخَلَ مَعَ أَبِي عُبَادَةَ الزُّرَقِيِّ رضي الله عنه عَلَى خَوْلَةَ بِنْتِ قَيْسٍ ، قَالَتْ : ذُكِرَ الْمَالُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُجِيبًا : «إِنَّ الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، مَنْ أَصَابَهُ بِحَقِّهِ بُورِكَ لَهُ فِيهِ ، وَرُبَّ مُتَخَوِّضٍ فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ مِنْ مَالِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ النَّارُ». [كتاب الزهد لمعافى بن عمران الموصلي بسند رجاله ثقات]

* وعنها في البخاري : سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : «إنَّ رجالًا يَتَخَوَّضُونَ في مالِ اللهِ بغيرِ حقٍّ ، فلهمُ النارُ يومَ القيامةِ»

* ومن الأحاديث التي روتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : «إِذَا مَشَتْ أُمَّتِي الْمُطَيْطَاءَ ، وَخَدَمَتْهُمْ فَارِسُ وَالرُّومُ سُلِّطَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ». [صحيح الترغيب للألباني]

بيت عامرة بنور الله :

كان صلى الله عليه وسلم يصل رحمه وهو نبي هذه الأمة ، فما منعه ذلك من زيارة أهله والاطمئنان عليهم ، فكان حمزة رضي الله له النصيب الأكبر من هذه الزيارات فهو عمه وأخوه من الرضاعة ، فكان في زياراته لبيت عمه تتنزل الرحمة على هذا البيت ويشع فيه نور الله ، فنجده صلى الله عليه وسلم في زياراته لحمزة يدرسهم ويسمعهم ما أنزل الله عليه من علم عن طريق الوحي وكانت خولة رضي الله عنها تنصت لما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم وتعيه ، وترويه لطلبة العلم بعد ذلك . فعنها قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عمه حمزة فصنعت شيء فأكلوه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ألا أخبركم بكفارات الخطايا؟» قالوا بلى يا رسول الله . قال : «إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة» .

وعنها في التثبت من الحديث عنه أنها سمعت حديثاً من زوجها حمزة بن عبدالمطلب فأرادت أن تتأكد بنفسها من النبي صلى الله عليه وسلم فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوماً فلم يجده فسأل امرأته عنه وكانت من بني النجار ، فقالت : خرج يا نبي الله آنفا عامدا نحوك فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار ، أولا تدخل يا رسول الله ؟ فدخل فقدمت إليه حيسا فأكل منه ، فقالت : يا رسول الله هنيئا لك ومريئا ، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنيك وأمريك ، أخبرني أبو عمارة أنك أُعطيت نهراً في الجنة يُدعى الكوثر ، فقال : «أجل وعرضه يعني أرضه ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ» . [تفسير القرآن لابن كثير] والحديث ضعيف وله شواهد صحيحه منها أنها قالَتْ: جَاءَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُحَدِّثُ أَنَّ لَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَوْضًا مَا بَيْنَ كَذَا إِلَى كَذَا، قَالَ: «أَجَلْ، وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ أَنْ يَرْوَى مِنْهُ قَوْمُكِ»، قَالَتْ: فَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ بُرْمَةً فِيهَا خُبْزَةٌ – أَوْ خَزِيرَةٌ فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي الْبُرْمَةِ لِيَأْكُلَ فَاحْتَرَقَتْ أَصَابِعُهُ فَقَالَ: «حَسِّ»  ، ثُمَّ قَالَ: «ابْنُ آدَمَ إِنْ أَصَابَهُ الْبَرْدُ  قَالَ: حَسِّ، وَإِنْ أَصَابَهُ الْحَرُّ قَالَ: حَسِّ». [أحمد ورجاله رجال الصحيح]

* وعنها قالت : أن حمزةَ بن عبد المطلب لَمَّا قدم المدينة تزوَّجَ خولةَ بنتَ قيسِ بن قهد الأنصارية من بني النجَّار، قال: وكان رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يزور حمزةَ في بيتِها، وكانت تحدِّثُ عنه أحاديثَ، قالت: فأتانا رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقلتُ: يا رسولَ الله، إنَّه بلَغَني عنكَ أنك تحدِّثُ أن لك يومَ القيامة حوضًا ما بين كذا إلى كذا، قال: «نعم، وأحَبُّ الناسِ عندي أن يروى منه قَومُك»، قال: فقَدَّمَت إليه بُرمةً فيها خبزة أو خزيرةٌ، فوضع رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدَه في البرمةِ ليأكُلَ فأحرَقَت أصابِعَه، فقال: «حَسِّ »، ثم قال: «ابنُ آدَمَ إن أصابَه البَردُ قال حَسِّ، وإن أصابه الحَرُّ قال: حَسِّ». [مجمع الزوائد ورجاله رجال الصحيح]

* وفي رواية : «يا خولة ، لا نصبر على حر ولا نصبر على برد» .

خولة الكريمة :

ورثت خولة مالاً ومزارع وكانت رضي الله عنها تتصدق بمالها فبارك الله فيه فنمى مالها فأصبحت من ذوات المال في المدينة وكان صلى الله عليه وسلم يستقرض منها التمر في حاجاته. فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه دَينا كان عليه ، فاشتد عليه ، حتى قال له : أُحَرِّجت عليك إلا قضيتني ، فانتهره أصحابه وقالوا : ويحك ! تدري من تُكِّلمُ؟ قال : إني أَطَلُبُ حقي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «هلاَّ مع صاحب الحق كنتم؟» ثم أرسل إلى خولة بنت قيس فقال لها : «إن كان عِندك تمر فأقرضينا حتى يأتينا تمرُنا فنقضيكِ» فقالت : نعم بابي انت يا رسول الله ! قال : فأقرضته ، فقضى الأعرابي وأطعمه ، فقال : أوفيت أوفى اللهُ لك ، فقال : «أولئك خِيار الناس ، إنه لا قُدِّسَت أمَّةٌ لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع». (غير متعتع أي من غير أن يصيبه أذى يقلقه) [صحيح ابن ماجه] . هذه أخلاق النبوة وهذا هديه صلى الله عليه وسلم: «هلاّ مع صاحب الحق كنتم؟؟» .

الصدقة على الوالدين :

التصدق عن الوالدين المتوفيان مستحب وهو والإحسان إليهما بعد موتهما مثل الاستغفار لهما والدعاء لهما وقضاء ديونهما وهذا هو البر في الحياه وبعد الموت وهي من الأعمال الصالحة التي يتقرب بها إلى الله .

وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء عن التصدق على الوالدين فقالت : يُستحب التصدق عن الوالدين، والحج والعمرة عنهما؛ لورود الأدلة بذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» .

وقال النووي في شرح صحيح مسلم عند الكلام على ما روت عائشة رضي الله عنها . أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتُلِتت نفسُها وإني أظنها لو تكلمت تصدقت، فلي أجر أن أتصدق عنها؟ قال: «نعم» . قال : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الصَّدَقَةِ عَنْ الْمَيِّتِ وَاسْتِحْبَابُهَا وَأَنَّ ثَوَابَهَا يَصِلُهُ وَيَنْفَعُهُ وَيَنْفَعُ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا وَهَذَا كُلُّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ .

توفيت الفريعة بنت زرارة رضي الله عنها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقدمت خولة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تستفتيه في الصدقة عليها . فقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا كُنَّا عَلَى مَا عَلِمْتَ ، وَإِنَّا قَدْ صَاهَرْنَا إِلَيْكُمْ ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَنَا فِي مُصَاهَرَتِكُمْ خَيْرًا ، وَإِنَّ أُمِّي هَلَكَتْ ، فَهَلْ تَنْفَعُهَا أَنْ أَتَصَدَّقَ عَنْهَا ؟ فَقَالَ : «لَوْ تَصَدَّقْتِ عَنْهَا بِكُرَاعٍ لَنَفَعَهَا». [المطالب العالية لابن حجر والحديث منقطع]

وفاتها :

عاشت خولة بنت قيس رضي الله عنها حياةً مليئةً بالإيمان فطلبت العلم في بيتها وخارجها ونقلته إلى أقطار العالم فقد دونت كتب السنة ما نقلته هذه الصحابية وانتشر عن طريق التابعين فهي في ميزان حسناتها رضي الله عنه . ولا نعلم متى توفيت ونظن أنها توفيت في خلافة معاوية رضي الله عنه أو بعده والله أعلم .



ضع تعليقك