(الخبيئة)
يقول الزبير رضي الله عنه : “من استطاع أن تكون له خبيئةٌ مِنْ عملٍ صالحٍ فليفعل”.
وكان السلف يثنون على الرجل بهذه الخصلة العزيزة النادرة ، فهذا ابن المبارك يذكر الإمام مالك – رحمة الله عليهما – فيقول : ما رأيت رجلا ارتفع مثل مالك بن أنس ! ليس له كثير صلاة ولا صيام ، إلا أن تكون له سريرة.
– من عبادات السرائر:
مناجاة الله والتضرع إليه ، خصوصاً في الأسحار ، ووقت هجوع العيون ، فهذا القرآن يحدثنا عن أهل الجنة : {كَانُوا قَلِيلا مِن الليل ِ مَا يَهْجَعُونَ وبالأسحار هم ْ يستغفرون}.
– ومن عبادات الخلوات: صدقة السر ّ، التي يجتهد العبدُ في إخفائها ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله : «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمنيه».
– كان زين العابدين يَعوْل عشرات البيوت في المدينة ، ويوصل الصدقة لهم ليلا ، فلم يُعرف ذلك عنه إلا بعد موته ؛ من سوادٍ وجدوه في ظهره عند التغسيل.
– مَن وُفّق لعبادات الخلوات ؛ فسيجني ثمراتها في الدنيا والآخرة ، ومن هذه الثمرات:
– أن أعمال الخلوات من أسباب حسن الختام: فإذا كانت دسائس السوء – والعياذ بالله – سبباً في سوء الختام فكذلك أعمال الخلوات سبب في حسن الختام .
– أعمال الخلوات سبب للرفعة وحسن الذِّكر في الدنيا ، والرفعة والنجاة يوم القيامة : تأمل في قوله تعالى : {يَوْمَ تُبْلَى السرائر}.
يقول الإمام مالك رحمه الله : مَن أحب أن يفتح له فرجة في قلبه ، وينجو من غمرات الموت ، وأهوال يوم القيامة ؛ فليكن في عمله في السر أكثر منه في العلانية ، وتأمل في قائل هذه الكلمة ، إنه الإمام مالك الذي أثنى عليه ابنُ المبارك بأن مالكاً كان صاحب سريرة.
فينبغي كتم ما يعمله الإنسان في السرّ ولو قل ، قال عبدالله بن دَاوُد الخريبي : كَانُوا يستحبون أَن يَكُون للرجل خبيئة من عمل صَالِح لا تعلم بِهِ زوجته ، ولا غيرها .
ومما يعينك على ذلك القراءة في سير الصالحين المخلصين ؛ فإن لذلك أثراً معروفاً .
يقول بعضُ السلف : ” إذا كانت سريرةُ الرجل أفضل من علانيته فذلك الفضل ، وإذا كانت سريرة الرجل وعلانيته سواء فذلك النصف ، وإذا كانت علانيته أفضل من سريرته فذلك الجور ” .
اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة ، واجعلنا ممن رُزق الخوف من مقامك يوم نلقاك..
🌹🌹🌹🌹🌹🌹