الأحد 6 ربيع الأولI 1447 - 28 سبتمبر 2025
جديد الموقع
بحث
التصنيفات
» الإمام الشافعي

(الإمام الشافعي)

العالم الكبير أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السَّائب المطلبيُّ الهاشميُّ القرشي ُّ، ابن عمِّ رسول الله – صلى الله عليه وآله سلم – .

ولد في غزَّة وقيل عسقلان من أرض فلسطين 150هـ ، وقيل في نفس اليوم الذي مات فيه الإمام أبو حنيفة في سجن المنصور ، وقد مات أبوه شاباً والإمام ما زال في المهد ، فانتقلت أمُّه به إلى اليمن ، لأنها كانت من الأزد أكبرِ بطون اليمن ، ومكثت به في اليمن عدة سنوات ، فخافت عليه ضَيعة نسبه الشريف ، فتحوَّلت به إلى مكة ، فنشأ بها وترعرع ، وأقبل على الرَّمي حتى فاق أهل زمانه في هذا الفن ، ثم ألقى الله – عز وجل – في قلبه حبَّ الحديث والفقه ، وذلك من إرادة الله – عز وجل – الخير له وللأمة ، فأقبل على هذا الطريق ينهل منه بكلِّ سبيل .

بدأ الشافعيُّ في طلب العلم بعد أن جاوز الثانية عشر من عمره ، فأقبل على حفظ كتاب الله حتى أتمَّه ودخل المسجد الحرام وجلس إلى علماء مكة خاصة مسلم بن خالد الزّنجي مفتي مكة ، وتخرج فيه وهو في سنِّ المراهقة ، وقرأ القرآن على إسماعيل بن قسطنطين ، وتنقَّل في البادية لفترة طويلة حتى أتقن لهجات العرب وأشعارها ، وساعدته مهارتُه اللُّغويَّة الفائقة في كثير من استدلالاته الفقهية .

بعد أن جاوز الشَّافعيُّ العشرين وأتم علوم شيوخ مكة ، انتقل إلى المدينة واجتمع مع الإمام مالك وقرأ عليه الموطأ من حفظه ، فانبهر الإمامُ مالك بقوة حفظه وفهمه ، وطلب منه إعادة القراءة ، وتفرَّس فيه النَّجابة والمستقبل العلميَّ الباهر فأوصاه بوصايا نافعة ، من أهمها قوله : ” إنَّ الله تعالى قد ألقى على قلبك نوراً ، فلا تطفئه بالمعصية ” .

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : ” قلتُ لأبي : يا أبَتِ أيُّ شيءٍ كان الشافعي ُّ؟ فإني سمعتك تكثر الدُّعاء له ، فقال لي : يا بُني ، الشَّافعيّ كالشمس للدُّنيا ، وكالعافية للناس ، انظر هل لهذين من خَلَف أو منهما عِوَض ” .

وقال أحمد عنه أيضاً : ” ما أحدٌ مسَّ محبرةً ولا قلماً إلا والشَّافعي في عنقه منَّةٌ عليه ، ولقد كان أفصح الناس ، وما عرفنا العموم من الخصوص ، وناسخ الحديث من منسوخه حتى جالسنا الشافعي ، وصاحبُ الحديث لا يشبع من كتب الشافعي ” .

– قال عنه عبدُ الرحمن بن مهدي وهو شيخه : ” ما أصلي صلاةً إلا وأنا أدعو للشافعي ” .

– وقال يحيى القطان : ” ما رأيتُ أعقل ولا أفقهَ من الشافعي ” .

وكان الشافعيُّ شديداً على أهل الأهواء والبدع ، وكان كثيراً ما يقول : ” لأن يلقى الله العبد بكلِّ ذنب ما خلا الشرك بالله ، خيرٌ من أن يلقاه بشيءٍ من الهوى ” .

وهذا الاتِّباع التام للحديث والعمل بالأثر جعل الإمام الشَّافعيّ يرجع عن كثير من أقواله بعد أن دخل مصر ، وسمع ما عند المصريِّين من حديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- ، وصار في مذهبه قولان : القديم وهو في العراق حتى سنة 198هـ ، والجديد وهو في مصر حتى حتى وفاته سنة 204 هـ، وهذا الرجوع للحديث والعمل به لا يقدم عليه إلا العلماء والعاملون المخلصون الربانيون ، وكم من متفقه ومتعالم يُقدِّم رأيَ إمامه وشيخه على حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولا يُبالي هل يخالفه أم لا .
قال رحمه الله : كل ما قلته فكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما صح ، فهو أولى ، ولا تقلدوني . وقال : إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله فقولوا بها ، ودعوا ما قلته . *
رحم الله الإمام الشافعي وجزاه الله خيرا على ما قدمه للإسلام والمسلمين ، وجمعنا به في الفردوس الأعلى .
توفي رحمه الله سنة 204 في مصر .



ضع تعليقك