الأحد 6 ربيع الأولI 1447 - 28 سبتمبر 2025
جديد الموقع
بحث
التصنيفات
» شؤم المعصية

(شؤم المعصية)

قال ابن القيم رحمه الله : ومن عقوبات المعاصي :
1 – حرمان العلم : فإن العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور . وقد قال مالك للشافعي : إني أرى الله قد ألقى على قلبك نوراً فلا تطفئه بظلمة المعاصي .
2 – حرمان الرزق : وفي المسند من حديث ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب الذي يصيبه» .
3 – وحشة تحصل بينه وبين الناس : ولا سيما أهل الخير منهم وكلما قويت تلك الوحشة بعُد منهم ومن مجالستهم .
4 – تعسير أموره عليه: فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه .
5- حرمان الطاعة فينقطع عنه بالذنب طاعات كثيرة كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها .
6 – المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضاُ … كما قال بعض السلف : إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها ، وإن من الثواب الحسنة الحسنة بعدها .
7 – المعصية سبب لهوان العبد على ربه وسقوطه من عينه : قال الله تعالى: {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ} [الحج: 18] .
8 – الذنوب تُطفئ نار الغيرة : التي هي لحياته وصلاحه كالحرارة الغريزية لحياة جميع الأبدان … وأشرف الناس وأعلاهم هِمّةً أشدهم غيرة على نفسه وخاصته وعموم الناس .
9 – المعاصي تذهب الحياء : الذي هو مادة حياة القلب ، وهو أصل كل خير ، وذهابه ذهاب الخير أجمعه .
10 – الذنوب تضعف في القلب تعظيم الرب جل جلاله : وتُضعف وقارهُ في قلب العبد ، شاء أم أبى .. ومن بعض عقوبة هذا : أن الله عز وجل يرفع مهابته من قلوب الخلق ويهون عليهم ، ويستخفون به ، كما هان أمره واستخف به .
11– الذنوب تزيل النعم وتحل النقم : فمن عقوبتها : أنها تزيل النعم الحاضرة ، وتقطع النعم الواصلة فما زالت عن العبد نعمة إلا بذنب ولا حلت به نقمة إلا بذنب وقد قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53]
ولقد أحسن القائل :
إذا كنت في نعمة فارعها & فإن المعاصي تزيل النعم
وحُطها بطاعة رب العباد & فرب العباد سريع النقم .
12 – المعاصي تعمي بصيرة القلب : وتطمس نوره وتسد طرق العلم ، وتحجب موارد الهداية .
13 – المعاصي تُسقط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله وعند خلقه ، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم ، وأقربهم منه منزلة أطوعهم له .
14 – المعاصي تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف : وتكسوه أسماء الذم والصغار ، فتسلبُه اسم المؤمن ، والبر ، والمحسن ، والمتقي … ونحوهما وتكسوه اسم الفاجر والعاصي والمفسد والخبيث والزاني واللوطي والسارق . وأمثالها ..
15 – المعصية تجرئ على العبد من لم يكن يتجرأ عليه من أصناف المخلوقات: فتجرئ عليه الشياطين بالأذى والإغواء والوسوسة والتخويف والتحزين (والمس) و تجترئ عليه شياطين الإنس بما تقدر من أذاه في غيبته وحضوره ويجترئ عليه أهله وخدمه وأولاده وجيرانه حتى الحيوان البهيم .
16– ومن عقوبة المعصية المعيشة الضنك : في الدنيا وفي البرزخ والعذاب في الآخرة قال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه: 124]

هذه بعض عقوبات المعاصي والذنوب وإن العاقل ليستشعر أن واحدة منها لكافية في عقده على التوبة النصوح والرجوع إلى الله – عز وجل – فحريٌ بك أخي المسلم أن تُبادر بالتوبة النصوح والرجوع إلى الله وقد قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم} [الزمر: 53]

وإياك وتوبة الكذابين التي تكون باللسان والقلب منعقد على المعصية عازمٌ على مواقعتها متى أمكنه ذلك ولا تستسهل المعصية بسببها سُلّطَت الريح على قومِ عاد حتى ألقتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجازُ نخلٍ خاوية ، والمعصية أرسلت الصيحة على قومِ ثمود حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم ، ورفعت قرى قَوْمَ لوط ثم قلّبتها عليهم ، والمعصية أرسلت على قوم شُعيب سحابَ العذاب كالظل وأمطرت عليهم ناراً تلظى ، والمعصية أغرقت فرعون وقومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم ، والمعصية هي سبب كل بلاء يقع بابن آدم فالمعصية تنادي على أخواتها حتى تجتمع على العبد فتهلكه فنسأل الله العفو والسلامة .



ضع تعليقك