سلسلة (نور السالكين في أحكام وآداب الصائمين)
(8) ما يبطل الصوم ويوجب القضاء فقط
الأول: الأكل أو الشرب عمداً؛ لقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة: 187].
فقد بينت الآية أنه لا يُباح للصائم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر حتى الليل -غروب الشمس-. أما من أكل أو شرب ناسياً فصيامُه صحيح، ويجب عليه الإمساك إذا تذكَّر، أو ذكر أنه صائم؛ لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب، فليتمَّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه» (رواه البخاري ومسلم)
– يلزم من أفطر بالأكل والشرب متعمداً الإمساك بقية يومه، وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم ؛ واجتمعت عليه كلمة المذاهب الفقهية: الحنفية ، والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، والظاهرية ؛ وذلك لأنه أفطر بدون عذر فلزمه إمساك بقية النهار، وفطرُهُ عمداً لم يُسقِط عنه ما وجب عليه من إتمام الإمساك.(1)
– من ابتلع ما بين أسنانه وهو صائم وكان يسيراً لا يمكن لفظه مما يجري مع الريق فصومُه صحيح؛ وذلك لأنه لا يمكن التحرز منه فأشبه الريق، وقد حكى الإجماع على ذلك ابن المنذر.
– أما إن كان يمكنه لفظه فابتلعه فإنه يفطر، وقد ذهب إلى ذلك أكثر أهل العلم ؛ وذلك لأنه بلع طعاماً يمكنه لفظه باختياره ذاكراً لصومه فأفطر به، كما لو ابتدأ الأكل.(2)
– إذا ابتلع الصائم ما لا يُؤكَلُ في العادة كدرهمٍ أو حصاةٍ أو حشيشٍ أو حديدٍ أو خيطٍ أو غير ذلك أفطر ، وقد ذهب إلى ذلك جماهير العلماء من السلف والخلف.(3)
– شُربُ الدخان المعروف أثناء الصوم يُفسد الصيام، وهذا باتفاق الفقهاء ؛ وذلك لأن الدخان له جرمٌ ينفذ إلى الجوف، فهو جسمٌ يدخل إلى الجوف، فيكون مفطراً كالماء؛ ولأنه يسمَّى شرباً عرفاً وصاحبه يتعمد إدخاله في جوفه من منفذ الأكل والشرب فيكون مفطرا.(4)
الثاني: التقيؤ عمداً، وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم عمداً، أما إذا غلبه القيء وخرج منه بغير اختياره، فلا يؤثر في صيامه؛ لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ذَرَعَهُ القيء فليس عليه قضاء، ومن استقاء عمداً فليقض» (رواه أبو داود). ومعنى(ذرعه): سبقه وغلبه في الخروج.(5)
الثالث: خروج دم الحيض والنفاس، فمتى رأت المرأة دم الحيض أو النفاس أفطرت، ووجب عليها القضاء؛ لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في المرأة: «أليس إذا حاضت لم تصلِّ، ولم تصم» (رواه البخاري) .ولو حاضت المرأة في اللحظة الأخيرة قبل غروب الشمس ، فلا خلاف بين أهل العلم بالفطر ووجوب القضاء، ولا يلزمها الإمساك بقية اليوم لأنها ليست بأهل الصوم وهو قول جمهور العلماء.(6)
– حكم من استمنى فى نهار رمضان؟
الاستمناء اصطلاحاً: إخراج المني؛ استدعاءً لشهوةٍ بغير جماع، سواء أخرجه بيده، أو بيد زوجته.
ومن استمنى فقد فسد صومُه، وعليه القضاء، وهذا قول عامة الحنفية ، والشافعية ، والحنابلة، والدليل: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به يدع شهوته وأكله وشربه من أجلي». (أخرجه البخاري ومسلم)(7)
_______________________
1. انظر الموسوعة الفقهية. إعداد: مجموعة من الباحثين/ موقع الدرر السنية
2. المصدر السابق
3. انظر (المغني) (3/ 14، 15) (المجموع للنووي) (6/ 326).
4. انظر ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (10/ 111) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (19/ 203).
5. انظر كتاب الفقه الميسر لنخبة من العلماء. (156)
6. انظر كتاب تمام المنة في فقه الكتاب والسنة,للشيخ عادل العزازي.( 2/153)
7. انظر الموسوعة الفقهية. إعداد: مجموعة من الباحثين/ موقع الدرر السنية.