سلسلة (نور السالكين في أحكام وآداب الصائمين)
(7) ما يبطل الصوم ويوجب القضاء والكفارة
– وذلك لا يكون إلا (بالجماع) فمتى جامع الصائم عالماً عامداً في نهار رمضان، في قُبُلٍ أو دُبُرٍ على رأي الجمهور، أنْزَلَ أو لم يُنْزِل، أثِمَ بذلك، وَفَسَدَ صومُه، وَوجَبَ عليه القضاءُ والكفَّارة. (وكذلك الزنا في نهار رمضان والعياذ بالله يشمله الحكم السابق كما جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء برئاسة الشيخ ابن باز).
– أما القَضَاء لأنه أفْسَدَ صومَه الواجب فَوَجَبَ عليه قضاؤه.
– أما الكَفَّارة، فلحديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليه رجل فقال: هلكت يا رسول الله قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال: هل تجد ما تعتق؟ قال: لا. قال: هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟ قال: لا. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر – والعرق: المكتل – قال: أين السائل؟ فقال: أنا. قال: خذ هذا فتصدق به. فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها – يريد الحرتين – أهل بيت أفقر من أهل بيتي. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك». (أخرجه البخاري ومسلم)
– بيّن النبيُّ صلى الله عليه وسلم الكفارة وهي: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً. (تجب على الترتيب لا التخيير وهذا ما ذهب إليه الجمهور).(1)
– من تكرَّرَ منه الجِمَاع في يومٍ واحد يكفيه كفارةٌ واحدة ، بلا خلافٍ بين أهل العلم ؛ وذلك لأنه أبطل صيام يوم واحد ولم يُكَفِّر فتتداخل الكفارات لأن الموجب لها واحد.
– من تكرر منه الجماع في يومين فأكثر فتلزمه كفارة لكل يوم جامع فيه سواء كَفَّرَ عن الجماع الأول أم لا، ذهب إلى ذلك جمهور أهل العلم من المالكية ، والشافعية ، والحنابلة ، وهو قولٌ لجمعٍ من السلف ؛ وذلك لأن صوم كل يوم عبادة منفردة، فإذا وجبت الكفارة بإفساده، لم تتداخل كفاراتها.(2)
– ومن جامعها زوجها في نهار رمضان فلا تخلو من حالين :
الحال الأولى: أن تكون المرأة حال الجِمَاع معذورة بإكراه ، أو نسيان ، أو جهل بتحريم الجماع في نهار رمضان ، ففي هذه الحال صومُها صحيح ، ولا يلزمها القضاء ولا الكفارة . وهي رواية عن الإمام أحمد ، واختارها شيخ الإسلام ، واختارها من المعاصرين : الشيخ ابن باز وابن عثيمين رحمهم الله .
واستدلوا بأدلة منها قوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) (البقرة /286)
الحال الثانية: أن تكون المرأة غير معذورة ، بل مُطَاوِعة لزوجها في الجِماع ، ففي وجوب الكفارة عليها في هذه الحال خلاف بين العلماء والراجح أنه يجب عليها القضاء والكفارة إذا كانت مُطَاوِعة . وهو مذهب جمهور العلماء. وقد اختار هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين رحمهما الله .
واستدلوا بأدلة منها ما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل الذي جامع امرأته في نهار رمضان بالكفارة ، والأصل تساوي الرجل والمرأة في الأحكام ، إلا ما استثناه الشارع الحكيم بالنص عليه .(3)
_____________________
1. انظر تمام المنة للعزازي (2/150).
2. الموسوعة الفقهية. إعداد: مجموعة من الباحثين/ موقع الدرر السنية
3. انظر تمام المنة للعزازي (2/151) وكتاب بداية الفقيه للدكتور سالم العجمي (368)